وصفت مصادر قضائية متقاعدة لموقع LebTalks ما جرى تداوله في اليومين الماضيين من معلومات متعلقة بالوزير السابق أمين سلام، بأنه “نُسِّق بعناية وباتجاه محدد، وكأنّ صافرة ما أعطت الإشارة لإطلاق حملة إعلامية مدروسة وموجهة سلفًا”.
وأضافت المصادر أن “تسريب محاضر تحقيق بشكل مجتزأ ومنقوص، لا يدين فقط الجهة التي استخدمتها لأغراض إعلامية أو سياسية، بل يحمّل المسؤولية أيضًا للجهة التي يفترض بها حفظ سرية تلك التحقيقات. إذ إن التحقيقات القضائية، وخصوصًا تلك المتعلقة بملفات ذات اهتمام عام، يجب أن تبقى بمنأى عن التداول العلني إلى حين اكتمالها، لأن احترام سرية التحقيق يُعد شرطًا أساسيًا للوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة”.
وفي معرض تفنيدها لما ورد في التسريبات، أوضحت المصادر أن “في ما خصّ مسألة استعمال المال العام، فإن جميع السفرات الخارجية التي قام بها الوزير سلام كانت مرتبطة بمؤتمرات وفعاليات رسمية تتصل مباشرة بمهام وزارة الاقتصاد والتجارة، ومثبتة بتغطيات إعلامية وأرشيف صحافي متاح للرجوع إليه. كما أنه، ورغم الضجة الإعلامية المفتعلة، لم تُثبت أي واقعة تفيد باستغلال الوزير سلام لمنصبه أو نفوذه لتحقيق منافع شخصية أو خاصة”.
ورأت المصادر أن “ما يجري لا يمكن فصله عن الصراع القائم بين شركات التأمين التي نكلت بالتزاماتها تجاه المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، وبين هؤلاء المتضررين وأهالي الضحايا.
فالوزير سلام، الذي تبنى موقفًا داعمًا للضحايا في مواجهة تلك الشركات، يبدو أنه يدفع اليوم ثمن وقوفه في صفهم، إذ أن الردّ جاء من خارج الإطار القضائي، وبأساليب غير قانونية تتقاطع مع حملات تشويه السمعة”.
ولفتت المصادر إلى أن “جلستي الاستماع إلى الوزير سلام أمام النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، إضافة إلى جلسة المواجهة مع مسؤولين حاليين وسابقين في وزارة الاقتصاد، شكّلت محطة مفصلية في مسار التحقيق. فقد خرج سلام من هذه الجلسات خاليًا من أي شبهة، بل جرى تثبيت موقفه القانوني عبر قرار قضائي برفع منع السفر عنه، وتركه بسند إقامة، وهو ما يُعد بحد ذاته مؤشرًا على انعدام وجود أي أدلة جرمية بحقه”.
وأكدت المصادر أن “الإسراع في إطلاق الأحكام المسبقة، سواء بالإدانة أو التبرئة، أمر غير مقبول، خصوصًا في القضايا التي تتابعها وسائل الإعلام والرأي العام. فالمضمون القانوني غالبًا ما يُغيّب لصالح الأجندات السياسية والإعلامية”.
وأضاءت المصادر على أن “الوزير سلام لم يسعَ في أي مرحلة من مراحل التحقيق إلى التستر على أي طرف أو إخفاء أي معطى من شأنه عرقلة سير العدالة، حتى في ما يتعلق بشقيقه. وقد ثبت بالأدلة والوقائع أنه لم يستخدم موقعه لحماية أي شخص، بل وضع نفسه منذ اللحظة الأولى بتصرف القضاء، بما يتوافق مع مقتضيات الشفافية والمساءلة”.
وختمت المصادر بالتأكيد على أن “تولي النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار هذا الملف هو بحد ذاته عنصر اطمئنان، لما عُرف عنه من تمسك صارم بالقانون وتجرّد عن أي اعتبارات خارجة عن النصوص القانونية. فالحجار هو من ‘أهل الكتاب’، يطبّق القانون بحرفيته دون اجتزاء أو انتقائية، وهو ما يجب أن يشكّل القاعدة في كل الملفات القضائية، لاسيما تلك التي تُثار في الفضاء العام”.