رئيس الجمهورية واللبنانية الاولى شاركا في قداس احد القيامة في بكركي
الرئيس عون: قطار قيامة لبنان انطلق ولا اظن احدا يتحمل المسؤولية سيعرقل هذا القطار
—————
رئيس الجمهورية: مقاربة اي موضوع خلافي داخلي لا يكون إلا بالحوار
وعبر المنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان الى الخراب
————-
الرئيس عون : لا أحد يتحدث معي عن توقيت وعن ضغوطات
وقد اتخذ القرار بشأن حصر السلاح والظروف هي الكفيلة بتحديد كيفية التنفيذ
————-
البطريرك الراعي : نصلّي معكم فخامة الرئيس كي يعضدكم الله وجميع اللبنانيّين في تحقيق أمنياتكم التي أعربتم عنها في كلمتكم بمناسبة مرور خمسين سنة على بداية الحرب اللبنانيّة
————-
البطريرك الراعي : السلام ثمرة النشاط السياسيّ والسعي لإزالة ما يعرّضه للخطر
ومع المصالحة تنتهي حرب المصالح الخاصّة وتخمد الخلافات
بعبدا في 02/4/2025
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون انه علينا معالجة اي موضوع خلافي داخلي بروّية ومسؤولية وبالتواصل مع المعنيين بعيداً عن لغة الاستفزاز، على ان نضع المصلحة الوطنية العليا اولاً.
وقال الرئيس عون إن”أي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يُقارب الا بالتحاور وبالمنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان الى الخراب”، مشدداً على “أن قطار قيامة لبنان انطلق ولا اظن ان احداً يمتلك ذرّة من المسؤولية الوطنية سيعرقل هذا القطار.”
مواقف رئيس الجمهورية جاءت بعد الخلوة التي عقدها قبل ظهر اليوم مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبيل مشاركته واللبنانية الاولى السيدة نعمت عون في قداس احد القيامة الذي ترأسه البطريرك الراعي على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، كنيسة القيامة، وعاونه فيه المطرانان حنا علوان، انطوان عوكر والرئيس العام للرهبنة المريمية اللبنانية الاباتي ادمون رزق وعدد من المطارنة والكهنة، بحضور الرئيس ميشال سليمان والوزراء: الدفاع العميد ميشال منسى، العدل عادل نصار، الاتصالات شارل الحاج، الصناعة جو عيسى الخوري، ونواب حاليون ووزراء ونواب سابقون وقائد الجيش العماد رودولف هيكل وقرينته إضافة الى عدد من كبار الضباط في الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وأمن الدولة وعدد من القضاة والمدراء العامين والدبلوماسيين ونقباء المهن الحرة وشخصيات سياسية ورسمية وروحية واعلامية إضافة الى نجل رئيس الجمهورية السيد خليل عون وقرينته وحشد من المصلين.
وكان رئيس الجمهورية وصل الى الصرح البطريركي في بكركي عند التاسعة والثلث صباحا، وكان في استقباله عند مدخل الصرح البطريرك الراعي والمطارنة علوان وعوكر وبولس الصياح. ثم توجه الجميع الى صالون الصرح حيث تم تبادل التهاني بعيد الفصح والتقاط الصور التذكارية، عقد بعدها رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي خلوة في مكتب البطريرك تم خلالها التداول في الاوضاع العامة وآخر التطورات.
تصريح الرئيس عون
بعد الخلوة توجه الرئيس عون الذي انضمت اليه اللبنانية الاولى، الى الاعلاميين المتواجدين في باحة الصرح بالتهنئة، وقال:”جئنا لتهنئة سيدنا غبطة البطريرك ومشاركته بقداس احد القيامة. اتوجه من على منبر هذا الصرح الكبير الى جميع اللبنانيين والمسيحيين خصوصاً، بالتهنئة بمناسبة حلول عيد الفصح الذي آمل أن يحمل معه كل الخير والبركة والامل وراحة البال لجميع اللبنانيين.”
ورداً على سؤال عن موقف رئاسة الجمهورية حيال المواقف التي صدرت أخيراً من قبل حزب الله حول موضوع السلاح، قال الرئيس عون:” أتينا اليوم لنشارك بقداس العيد، ولكن أؤكد ان هذا الموضوع لا يُناقش عبر الاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن عبر مقاربة
مسؤولة وحس وطني، والتواصل بعيداً عن الاستفزاز، فنضع مصلحة الوطن العليا اولاً لتكون هي الاساس في مقاربة هذا الموضوع و أي موضوع خلافي آخر.”
سئل: لقد اعلنتم سابقاً انه سيكون هناك حوار ثنائي مع حزب الله حول موضوع السلاح،هل بدأ هذا الحوار ؟ وهل المواقف التي اعلنها امس الشيخ نعيم قاسم ألغت هذا الحوار؟
اجاب: أعيد وأكرر ان أي موضوع خلافي، سلاح او غير سلاح لا يقارب عبر الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بل عبر التواصل مع المعنيين بطريقة هادئة ومسؤولة. وعندما تحدثت في خطاب القسم عن حصرية السلاح، لم اقل ذلك لمجرد القول، بل لأنني على قناعة بأن اللبنانيين لا يريدون الحرب، ولم يعد بإمكانهم ان يتحملوا الحرب والتحدث بلغتها، وليصبح هذا الامر واقعاً، فعلى القوات المسلحة اللبنانية ان تصبح المسؤولة الوحيدة عن حمل السلاح وعن الدفاع عن سيادة واستقلال لبنان.”
سئل: كيف ستتمكنون من التوفيق بين الضغوط الخارجية على لبنان وبين المطالب الداخلية التي تقول بأن الامر بحاجة الى وقت، في ظل حديث البعض عن ضرورة الحوار ووضع استراتيجية دفاعية لحل هذا الموضوع؟
اجاب:علينا معالجة هذا الموضوع برويّة ومسؤولية، لان الامر حساس ودقيق واساسي للحفاظ على السلم الاهلي. وحل هذا الموضوع هو مسؤولية وطنية يتحملها رئيس الجمهورية بالتعاون مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والاطراف المعنية الاخرى .فأي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يقارب الا بالتحاور والتواصل وبالمنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان الى الخراب. فلا أحد يتحدث معي عن توقيت ولا عن ضغوطات، فحصر السلاح تحدثنا عنه في خطاب القسم، وسننفذه وقد اتخذ القرار بشأنه، ولكن علينا ان ننتظر الظروف المناسبة لذلك، والظروف هي الكفيلة بتحديد كيفية التنفيذ.
سئل: هل تعد اللبنانيين بتنفيذ خطاب القسم لاسيما لجهة محاربة الفساد وتأمين حياة كريمة للبنانيين؟
اجاب: اعتقد ان عمر الحكومة هو ثمانية اسابيع، وقد حققت في هذا الوقت الكثير من الامور واهم معركة لنا في الداخل هي محاربة الفساد ولكن ذلك يتطلب انجاز تشكيلات قضائية تضع القاضي المناسب في المكان المناسب. واقول لكم إن قطار قيامة لبنان انطلق ولا اظن ان احداً يمتلك ذرة من المسؤولية الوطنية سيعرقل هذا القطار. ويعطيكم الف عافية وكل عام وانتم بخير.”
عظة البطريرك
ثم انتقل الرئيس عون واللبنانية الاولى الى كنيسة القيامة حيث اقيم القداس، وبعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان “أتطلبن يسوع الناصريّ المصلوب؟ إنّه قام وليس ههنا” جاء فيها :
“فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون،
السيّدة اللبنانيّة الأولى،
إخواني السادة المطارنة الأجلّاء
أصحاب المعالي والسعادة،
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء.
1. يسعدنا، فخامة الرئيس، واللبنانية الاولى أن نرحّب بكم على رأس المصلّين، في عيد قيامة الربّ يسوع من بين الأموات، يحوط بكم وزراء ونوّاب ورؤساء مجالس بلديّات ومخاتير وسواهم من العاملين في الحقلين العام والخاصّ، وأن نتقدّم من فخامتكم ومن الحضور الكريم بأخلص التهاني بالعيد، وأطيب التمنيات ليفيض المسيح الربّ عليكم جميعًا نعمه وسلامه، وعلى لبنان الاستقرار والسلام العادل والشامل.
2. ونصلّي معكم، فخامة الرئيس، كي يعضدكم الله وجميع اللبنانيّين في تحقيق أمنياتكم التي أعربتم عنها في كلمتكم بمناسبة مرور خمسين سنة على بداية الحرب اللبنانيّة المشؤومة 1975 وهي:
أوّلًا: جميعنا متساوون. فلا أحد منّا خائف، ولا أحد منّا يخيف. لا أحد منا ظالم، ولا أحد مظلوم. لا أحد منا غابن، ولا أحد منا مغبون. جميعنا، نستظل جميعنا علمًا واحدًا، ونحمل هويّة واحدة.
ثانيًا: الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القويّة، السيّدة، العادلة، المنبثقة من إرادة اللبنانيين، والساعية بجدّ إلى خيرهم وسلامهم وازدهارهم.
ثالثًا: وطالما أننا مجمعون على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه ان يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعًا: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنيّة الرسميّة.
رابعًا: وحدتنا هي سلاحنا، وسلاحنا هو جيشنا، لكي تكون كل خمسينيات السنوات المقبلة أيام خير، وسلام، وفرح، وحياة، لأننا خُلقنا للحياة… والحياة خُلقت لنا.
3. “أتطلبن يسوع الناصريّ المصلوب؟ إنّه قام وليس ههنا” (مر 16: 6). مات يسوع على الصليب فداءً عن خطايا البشريّة جمعاء، وصالح الله بدمه مع كلّ إنسان، وقام ليبرّرنا (روم 4: 25)، وزرع السلام في قلوبنا، وجعلنا صانعي سلام، وسفراء مصالحة (راجع 2 كور 5: 20). قدّاسنا اليوم يحمل اسم “رتبة صلاة السلام”، السلام المنبثق من موت المسيح وقيامته. فأضحى “المسيح سلامنا”، على حدّ قول بولس الرسول (أفسس 2: 14). ويسمّيه أشعيا النبيّ “أمير السلام” (أشعيا 9: 5).
السلام ثمرة النشاط السياسيّ، والسعي لإزالة ما يعرّضه للخطر، مثل: العنف والحرب والتعذيب والإرهاب والإعتقالات وعسكرة السياسة، وانتهاك حقوق الإنسان الأساسيّة.
4. بموت المسيح وقيامته صالح الله البشريّة ومع بعضها البعض بالغفران. فمع المصالحة تنتهي حرب المصالح الخاصّة التي هي أخطر من الحرب المسلّحة. وبالمصالحة تخمد الخلافات وتزول العداوات وتتبدّل الذهنيّات.
تبدأ المصالحة اولا مع الذات بترميم العلاقة مع الله الذي صالحنا بالمسيح، ودعانا إلى تغيير المسلك والموقف والنظرة. ثمّ تنتقل من المستوى الشخصيّ لتصبح مصالحة إجتماعيّة بترميم العلاقة مع الآخرين من خلال حلّ الخلافات والنزاعات وسوء التفاهم، ومع الفقراء والمعوزين بمبادرات محبّة، ومع الجميع بتعزيز العدالة الإجتماعيّة ورفع الظلم والفساد. وترتفع إلى مستوى أهل السياسة والأحزاب لتصبح مصالحة سياسيّة بإعادة بناء الوحدة الوطنيّة، ودولة الحقّ الصالحة والعادلة. وتكتمل أخيرًا بالمصالحة الوطنيّة القائمة على التزام عقد اجتماعيّ ميثاقيّ يحصّن العيش معًا، ومشاركة الجميع العادلة والمنظّمة في إدارة شؤون البلاد (شرعة العمل السياسيّ، ص22).
5. قيامة المسيح هي أهمّ حدث على الإطلاق في تاريخ العالم. فلو لم يقم المسيح لكان إيماننا باطلًا، وتبشيرنا بلا جدوى، ولكنّا بعد أمواتًا في خطايانا، ولكنّا شهود زور لها، ولو لم يقم المسيح لما كانت الكنيسة.
كلّ موت يحزن القلب، إلّا موت المسيح فهو يعزّي ويُفرح. في قبر الإنسان ينتهي كلّ شيء. إنّ القيامة التي شهدها قبر المسيح هي أساس ديانتنا. عظيم هذا القبر الذي منه نهض يسوع، فقد غلب الموت وانتصر على كلّ ما يجرّه الموت من حزن وإحباط ويأس. قبر المسيح هو أساس الدين المسيحيّ، والبرهان الساطع والمحبّة الثابتة لصحّة رسالة الإنجيل.
6. والنسوة اللواتي بكّرنا إلى القبر، ووجدنه فارغًا، تحوّلن من مشاهدات إلى شاهدات. فبدل يسوع وجدن “شابًّا” يقول لهنّ: “لا تخفن! أنتنّ تطلبن يسوع الناصريّ المطلوب. إنّه قام، وليس ههنا. وهذا هو المكان الذي وُضع فيه. فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنّه يسبقكم إلى الجليل وهناك ترونه” (مر 16: 6-7)
لقد حمّلهنّ الملاك مسؤوليّة خبر القيامة، بفضل انفتاحهنّ على السرّ، وقبولهنّ له، وتأثّرهنّ به تأثّرًا عميقًا سمّرهنّ في الصبر المطلق. هكذا تحوّلن من مشاهدات إلى شاهدات، ومبشّرات بقيامة يسوع.
سبحانك يا من أنت القيامة والحياة، حوّلنا بموتك إلى فصح جديد وعبور إليك، فنعلن إيماننا الثابت والراسخ:المسيح قام! حقًّا قام!
يُذكر ان البطريرك الراعي تعثر بثوبه اثناء انتقاله الى المذبح وسقط ارضاً ثم استكمل ترؤس القداس جالساً.
وفي نهاية القداس تقدم الرئيس عون واللبنانية الاولى من البطريرك وقدما له التهاني شاكرين له استمراره في ترؤس القداس على رغم تعثره، لاسيما وأن الرئيس عون قد عرض على البطريرك ان يتوقف عن ترؤس القداس للراحة بعد تعثره ولكن البطريرك اصرّ على ترؤس القداس حتى النهاية حيث اعطى بركته للمصلين.
وفي وقت لاحق اعلن مدير الاعلام في بكركي وليد غياض ان البطريرك الراعي نقل بعد القداس الى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة بعد تعثره في بداية القداس، وأكد أن حالته الصحية جيدة وهو بخير.